العلاقات السياسية بين المغرب وموريتانيا يطبعها توتر مستمر أفسح المجال خلال الأيام القليلة الماضية لترويج خبر مفاده أن المغرب قد استدعى القائم بالأعمال في السفارة الموريتانية، على خلفية إقدام جنود موريتانيين على رفع علم دولتهم بمدينة الكويرة، وهو الخبر الذي أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية مصطفى الخلفي، أنه عار تماما من الصحة ولا يعدو أن يكون مجرد إشاعة.
في ذات الصدد، عزت تقارير إعلامية الزيارة الرسمية التي قام بها، شهر دجنبر 2015، كل من وزير الشؤون الخارجية والتعاون صلاح الدين مزوار، مدير الإدارة العامة للدراسات والمستندات ياسين المنصوري، والمفتش العام للقوات المسلحة المغربية بوشعيب عروب، إلى نواكشوط (عزتها) إلى رفع العلم الموريتاني فوق مدينة الكويرة المغربية، فيما أشارت تقارير أخرى إلى أن الغرض منها كان هو تعزيز التعاون الأمني في ظل التهديدات الأمنية المحدقة بالمنطقة.
أجندات أجنبية
تعليقا منه حول الفتور الذي يطبع العلاقات الثنائية بين المغرب وموريتانيا، أوضح الخبير في الشؤون العربية والإفريقية خالد الشكراوي، أن العلاقات بين الدولتين هي “حساسة للغاية بحكم تدخل أجندات أجنبية، خاصة الانفصاليين الذين ما فتئوا يتدخلون كل مرة في الشأن المغربي الموريتاني عبر ترويج عدد من الإشاعات”، مضيفا أن “إشاعة رفع العلم الموريتاني بالكويرة تحدث عنها بداية الأمر الانفصاليون، لكن هذا لا يعني أن العلاقات المغربية الموريتانية ممتازة مائة في المائة”.
وأشار خالد الشكراوي إلى أنه بالرغم من توتر العلاقات بين المغرب وموريتانيا، إلا أن هناك “إطارات للتفاهم والنقاش تمنع حدوث تصدع في العلاقات الثنائية بينهما بالرغم من الاختلاف في وجهات النظر الذي يعد أمرا طبيعيا”، موضحا أن الدولتين محكوم عليهما بالتعاون على جميع الأصعدة لأن علاقاتهما تتجاوز منطق الربح والخسارة، كما أن ما يجمعهما أكثر بكثير مما قد يفرق فيما بينهما.
واعتبر الخبير في الشؤون العربية والإفريقية أن المغرب وموريتانيا يجب عليهما تدعيم علاقاتهما الدبلوماسية عبر تجديد الآليات المتقادمة، وتغيير الوجوه التي تمثلها، لأن ذلك من شأنه المساهمة بشكل كبير في حل غالبية المشاكل الموجودة بين الدولتين، مضيفا أن الحكومة المغربية يجب عليها أيضا أن تعادل بين محور الرباط دكار ومحور الرباط نواكشوط.
الإعلام يضخم الأمور
من جهته، قال مدير المركز المغاربي للدراسات الاستراتيجية وأستاذ العلوم السياسية بجامعة نواكشوط ديدي ولد السالك، أن العلاقات المغربية الموريتانية هي “علاقات عميقة متعددة الأبعاد، إلا أنه على المستوى السياسي يطبعها نوع من الفتور وتشوبها مشاكل منذ سنة 2011 بالرغم من ذلك، ما يمنح الإعلام فرصة لتضخيم الأمور”، معتبرا في تصريح لجريدة “كشك” الإلكترونية، أنه “هناك عوامل غير مرئية تجعل العلاقات الثنائية بين الدولتين متوترة، كما أن الفتور في العلاقات المغربية الجزائرية ينعكس بشكل تلقائي على العلاقات المغربية الموريتانية، بالرغم من الإشارات الجيدة التي يعطيها المغرب”.
وفي حديثه عن الزيارة التي قام بها مسؤولون أمنيون نهاية سنة 2015 إلى نواكشوط، قال ديدي ولد السالك إن بلدان شمال إفريقيا مضطرة للتنسيق الأمني فيما بينها بسبب الجريمة المنظمة والمخاطر الإرهابية المحدقة بالمنطقة، مستبعدا أن تكون العلاقات المغربية الموريتانية قد عادت “إلى مجراها الطبيعي وفي نفس الوقت لن تعرف مزيدا من التدهور، بالرغم من التذبذب الذي يطبعها، نظرا لكونها علاقات استراتيجية أخوية”.
نقلا عن صيحفة كشك الأخبار المغربية