المرأة ( أعطيه اشبر تطام أذراع )

سبت, 2017-04-01 20:38

المساواة بين الجنسين، وعدم التمييز الخاصة بمعايير منظمة العمل الدولية ذات أهمية قصوى؛ تُحسّن الفرص المتاحة للعمل أمام المرأة العربية، ولكن على أرض الواقع، وإن كانت مشاركة المرأة العربية في القوى العاملة هو الأدنى في العالم؛ إذ يبلغ 26% مقارنة بالمعدل العالمي الذي يبلغ 56%، إلا أن تلك النسبة الضئيلة، وما تواجهه من صعوبات وتحديات في سوق العمل وأماكنه؛ تزيد أضعاف ما تواجهه النسبة العالمية.

مهما تكاتف المكتب الإقليمي، ومنح كامل دعمه للحكومات وأصحاب العمل والمجتمعات المدنية لوضع استراتيجيات تمنح المرأة حقوقها وتساوييها بنظيرها، وتبحث سبل التكافؤ بين الجنسين، إلا أنه لن يُقدّم كافة الحقوق التي تحتاج إليها المرأة في سوق العمل.

يُبنى مفهوم المساواة بين الجنسين على ما أعلنته الأمم المتحدة بشأن حقوق الإنسان، والهدف من تطبيقه هو تحقيق المساواة في القانون والمساواة في المواقف الاجتماعية، وخاصة في الأنشطة الديمقراطية وتأمين أجور متساوية مقابل أعمال متساوية في نطاق العمل؛ لضمان تمتع المرأة بكافة الحقوق والامتيازات في جميع مجالات الحياة.

ولكن وإن صح كل شيء وتساوى الطرفان وطُبقت المساواة ومُنحت المرأة حقها في العمل كاملًا مكملًا، فهل انتهت الإشكالية، ومن ثم ارتقى مستوى العمل، وأصبحت كفاءة المرأة وجهدها كافةً مُنصبًا على العمل؟

أم أن هناك جانب لن تناقشه المكاتب الإقليمية والحكومات، ولن تأتي بحسبان الاتفاقات، كمعركة تحارب فيها المرأة بمفردها، جانب يشل الحركة الإنتاجية الفكرية لجهد المرأة في العمل، جانب الضغوط النفسية التي تتعرض لها؛ كونها فقط إمرأة، ولسنا هنا بصدد حديث عن اختلاف طبيعة الشخصيات من امرأة لأخرى، ورد فعل مختلف يعتمد فقط على شخصية المرأة، دون تعديل لطبيعة ما يجب أن تكون المرأة عليه.

الضغوط في مجتمع كمصر لا ينتهي عنه الحديث، ودائمًا ما نرى عوائق جديدة تُضاف دون حل، ولكننا قد تغافلنا عن المعنى الرئيس للمجتمع – الذي هو (عبارة عن مجموعة من الناس تُشكّل النظام النصف المغلق والتي تُشكّل العلاقات بين الناس)- وأصبحنا نتعامل معه كمصطلح فقط وليس كمضمون تعريفي قائم على الناس؛ نلقي عليه العبء ولا نلقيه على الناس.

تلك الضغوط ليست جزاء الحياة المهنية، إنما جزاء ما تقابله المرأة في ساحات العمل من ظروف يصعب التعامل معها، إضافة لصعوبات تصادفها بشكل خاص، مسببة لها أضرارًا نفسية وعدم راحة في بيئة العمل، فلنقل أن طاقة المرأة 100% لنجد 90% منها مهدرًا على تلك العوائق.

وكأمثلة من الواقع لتلك الضغوط التي تعيشها نماذج لسيدات عاملات (القطاعات الخاصة):

استهانة المدير أو بعض الزملاء بجانب التهميش

نجد في معظم البيئات العملية مجرد كونها امرأة، حتى وإن بلغت من العلم أشده، وبلغت من الكفاءة المهنية أعلاها، استهانة المدير بها وعدم توكيلها بمهام تناسب كفاءتها، لعنصرية كانت أو لتثبيط عزائمها.

التعقيبات الواهية على الحياة الشخصية

لا مناص من التدخل في الأمور الشخصية بما لايعنيهم ولايعني مصلحة العمل، بل يعطل سير العمل ويقلل صفاء الذهن المهني.

الشائعات

إثر غيرة أو حقد يجد أصحاب النفوس الناقصة الشائعات منفذًا لهم؛ للإيقاع بها. فمثلًا إذا لقت المرأة ترقية من صاحب العمل – وإن استحقتها عن جدارة – فلن تسلم من شائعات يُذكر بها اسمها واسم صاحب العمل سويًا، وبالنهاية يكون المصدر فقط هو الحقد على تقدمها ونجاحها بالعمل.

الغيبة والنميمة والكلام الخاطئ

غالبا ما نجد المرأة التي لا تختلط بأحد في العمل، يكثر الكلام الخاطئ عليها؛ تبريدًا لغيرة ثارت بنفوسهم.

الاستغلال

لا تسلم من هذه النقطة المتفانية في العمل لمبدأ تحقيق الذات والحياة المهنية أولًا قبل كل شيء، نجد صاحب العمل يكلّف إليها مهاما أكثر ويطلب إنجازها خلال وقت قصير، دون أدنى اهتمام بالضغوط التي ستحل بها وآثارها النفسية عليها.
(وإن خالفت هذه النقطة ما ذُكر خلال النقطة الأولى، ولكن تختلف النفوس وتكثر طرق قمع المرأة، وتندرج النقطتان تحت سقف العنصرية والتمييز).

التحرش

وإن كان الحديث عن تلك النقطة مفروغ منها، دون اللجوء لنسب أو إحصائيات أُجريت، ولكن جم النقاط السابق ذكرها تغلفها تلك النقطة.

دون ذكر كلمات تدل على الكمية كـ(بعض، معظم، أغلبية، أو الكل)، ولكن المرأة في العمل لن تسلم من التحرش بأنواعه، لن تسلم من العبارات المصاحبة لألفاظ غير أخلاقية، لن تسلم من النظر المتفحص لجسدها، لن تسلم من رؤية تعبيرات أوجه تحمل إشارات جنسية، أو حتى الإقدام على الفعل.

واقع تواجهه المرأة في حياتها العملية، ولا مفر من أي نقطة أن تتعرض لها أية إمرأة بمجتمع كمصر.

المرأة طاقة مهدرة، تحارب بمعارك متشعبة يجهلها الكثير، تتصدى لموروثات اجتماعية، تقاوم فرضيات كُتبت عليها قبل ميلادها، تقاوم، تنتفض، تريد أن تُثبت ذاتها وتحقق مكانتها العملية التي تتناسب مع جهدها المبذول، تبذل قصارى جهدها كي توافق بين حياة مهنية وشخصية واجتماعية وأسرية، المرأة تجاهد بذاتها دون نُصرة من مجتمع أو نظير حتى دون المرأة مثيلتها، كٌل يحارب بمعركته الخاصة.

أثرنا العوائق، ولسنا هنا للتفتيش عن حلول أو محاولات تقي المرأة من ذلك، أثرنا العوائق لمحوها، عوائق ينبغي لها ألا تكون بمجتمع يريد أن يستمر فقط، وليس أن ينهض.