مقاربات من اجل اصلاح التلفزة الموريتانية سعيد ولد حبيب

خميس, 2017-05-18 19:47

اكتب في الحلقة الثالثة  من "مقاربات من اجل إصلاح التلفزة الموريتانية" عددا من الملاحظات والاراء التي تتعلق بالقناة، إسهاما مني في مسايرة جهود  النهوض بهذه المؤسسة من باب ان "مالا يدرك  كله لا يترك جله" ، وانا احاول  ان اقدم تشخيصا وان اشفعه  ب"ملتمسات" لذوي الشان  تروم انبثاق حلول لواقع القناة من حالة الكمون التى تشهدها على مستويات عديدة

وهو مجهود يتواصل  املا  في الخروج برؤية واضحة تقيس،على تجارب لمؤسسات نظيرة لها في مختلف دول العالم ، وتستنبت حلولا ذاتية لمختلف الثغرات بالحوار الهادف  واستنادا الى المراوحة بين التجربة والمعرفة والكفاءة لا استنادا الى وضعيات قائمة منذ عقود    

اولا :تداول المنشور ترك أصداء واسعة ليس فقط على مستوى القناة بل خارجها وهو مؤشر على وجود شعورعام بسلامة الطرح وموضوعيته ، وضرورة نقاش القضايا المتعلقة بالنقاط التى تمت اثارتها بكل تجرد وهو تقييم سليم  اعتقد انه ينساق وراء التوجهات التى كثيرا ما عبر عنها رئيس الجمهورية اذ كثيرا ما حث على  ضرورة ابداء أي ملاحظة ونشرها عندما يتعلق الامر  بمقاربات او ملاحظات   تتناول  سير المرافق العمومية، وحتى  تكون في خدمة المواطن حقا ومما يؤكد ذلك هي  الزيارات المفاجئة التى يقوم بها الرئيس من وقت لآخر لهذا القطاع حكومي او ذاك ، فلا يجد مسيروه الوقت الكافي لاضفاء رتوش تلمع وتخدع الا قليلا منهم بالكاد يجدون الوقت ل"تنظيف الحمامات"   

ثانيا ـ في عصرنا الراهن لم تعد وسائل الاتصال الحديثة تسمح بدفن التجاوزات في مكبات خاصة لنسيانها ، فالوسائل التقنية باتت توثق كل شيء بحيث يستطيع جهاز محمول صغير ان يتجسس على المرء ويصدر غسيله الى العموم من دون ان يأخذ علما بذلك عند وقوعه، ثم انبسطت صفحات التواصل الاجتماعي كفضاءات مفتوحة عندما  تتاح لأي شخص مكنة اقتناء موبايل صيني بثلاثة الاف اوقية ورصيد مائة اوقية ويغرد عبره  الى ابعد  الحدود .. نحن اذن امام "عدالة تقنية" تجعلنا سواسية في المعرفة ، فلماذا لا نتقبل كل الاراء  دون تاويل او تهويل او تفسير يذهب بعيدا في شخصنة المواقف ، واستغلال شعور مفترض ب"الحسد والكراهية" لا سمح الله  للهروب الى الامام

 ثالثا ـ بالعودة الى محتوى المواد التى تبثها القناة ، يجدر بنا ان نطرح عددا من الاشكالات التى ماتزال حجر عثرة امام بث مواد تتوفر على  العناصر المهنية دون الخروج على الخط التحريري ، والفلسفة العامة من قناة تشكل واجهة السلطة والحكومة والشعب  فهل تتناقض المهنية مع الدعاية للسلطة الى درجة تجعل محررينا يعتمدون بشكل اساسي على قالب جامد يقتل روح الخبر او التقرير ويدفع المشاهد الى الملل واستخدام الريمونت كونترول وهو يلعن الاسلوب الممل بحثا عن قناة اخرى ..خصوصا وان لدينا محررين ورؤساء تحرير اكفاء  ولدينا اخرين ينقصهم فقط  التدريب والتكوين  .. ام ان "جلبة" من نوع ما تقيد افكار صحافتنا الى درجة تقود الى الحذر الزائد من السقوط في مصيدة اللوم والعقاب ..وربما الفصل

 لقد قضت هذه المخاوف الوهمية على "جينات" الجودة  وزرعت مكانها هواجس وأوهاما من الرتابة  اسميها "فوبيا التحرير في القناة" ثم كيف يمكن لرئيس تحرير ان يستخدم معارفه وملكاته  وهو الذي يتقاضى راتبا زهيدا ويخضع لضغوط  عديدة اثناء عمله ، وحقيقة الامر انه ليس لدينا رؤساء تحرير بالمفهوم الوظيفي للصفة وانما لدينا محرر + خمسين الف اوقية وما قيمته عشرين  الف من رصيد الهاتف تقريبا ،

حسب ما جرى به العرف  في غرف الأخبار فانه لابد من محرر وسكرتير تحرير ورئيس تحرير يمكن ان اقول انه لا يوجد لدينا رئيس تحرير وانما سكرتير تحرير في أحسن الأحوال يجمع مقدمات التقارير ويصبها كما جاءت من المصدر ، والمصدر هنا اعني به الصحافي الذي  اعد التقرير ، وهنا تطرح قضية المقررين إشكالا اخر يتعلق بالمستوى المعرفي والمادي ، فكثير من هؤلاء  لم يحظوا بالتدريب لتحصيل الكفاءة  التي تخولهم القيام بمهامهم  بطريقة مهنية لاشية فيها، وحتى من تدربوا منهم فان تفكيرهم ينصب في ترقب نقود يدفعها طرف اخر من اجل ان تفسح له مساحة واسعة في الصورة او وقتا أطول للحديث  اثناء البرنامج او النشرة يتجاوز بطبيعة بالحال  المتعارف عليه في التقاليد التلفزيونية وهو اقل من ثلاثين ثانية اثناء نشرات الاخبار وهم مقسمين بين عاملين بالقرابة او الوساطة او  عن طريق مسابقة وفي كلتا الحالتين فانهم يحتاجون الى تعلم اصول المهنة والتدرب علي  ابجدياتها .. لكنهم ايضا يحتاجون الى رواتب مجزية ودورات تدريب لا تقتصر فقط على السياحة لمدة اسبوع مر نصفها جوا في رحلتي الذهاب والعودة

الحلقة الثانية

الحلقة الأولى