حول "العنصرية" مرة أخرى!.. محمد اندح

أحد, 2019-09-29 17:17

قرأت التدوينة التي نشرها اليوم الأستاذ حبيب الله أحمد، حول المدرب الوطني مصطفى صال وآراء بعض المتتبعين له، وهي مناسبة لأشكر الأستاذ أولاً على ما ذكره من إطراء لي شخصياً، معتزاً بتلك الشهادة.
ودون أن أخوض في ما قال إننا نختلف فيه وما لا نختلف، فإن لديَ تعقيباً فقط على الموضوع المتعلق بالمدرب الوطني مصطفى صال؛

أولاً؛ الاتهام بالعنصرية كما تعلم تهمة عظيمة لا يمكن إطلاقها إلا بدليل قاطع، وفي هذه الحالة لا يوجد أي دليل قاطع عليها، وأعرف أنك لم تتهمه بالعنصرية تأكيداً، وإنما رجحت وجودها في ظل تصاعد عدد المتحدثين عنها، فاقتضى مني ذلك التعليق على الأمر.

ثانياً؛ لنكن صريحين وواقعيين في هذه النقطة، مصطفى صال عندما استدعى اللاعبين "البظان" الأبرز في البطولة -رغم أنهم قليلون بسبب قلة ممارستهم للعبة- توقفت هذه الاتهامات، وعندما ظهرت تشكلة لا تضم نفس العدد منهم عادت مجدداً، فهي إذن انطباعات عاطفية لا تستند إلى دليل صلب في الواقع!

وهنا لابد من الصراحة التامة في هذا الموضوع دون أي حساسية؛ قبل مصطفى صال كان عدد البظان قليلاً في الفريق -أو ربما منعدماً- فهل كان كل المدربين عنصريين؟

في البطولة الوطنية الآن يوجد عدد متميز جداً من شريحة البظان فعلاً لم يستدعوا حتى الآن للمنتخب الوطني، ولكن بالمقابل يوجد عدد كبير من اللاعبين من مختلف الشرائح الوطنية الأخرى تميزوا في البطولة أيضاً ولم يستدعَ أي منهم للمنتخب الوطني حتى الآن كذلك!! وبعضهم يملك أرقاماً متميزة جداً، فكيف نفسر عدم ايتدعاء شريحة واحدة بالعنصرية، ونسكت عن عدم استدعاء الآخرين؟!

الواقع أن نظرة المدرب للاعب تختلف من مدرب لآخر، وتختلف عن نظرة المشجعين، وأن ما يريده المدرب من اللاعب يختلف عن ما يريده المتابعون، وهذا هو التفسير الوحيد لعدم استدعاء لاعب واستدعاء آخر مكانه، ولا تأثير في ذلك للشريحة ولا للون ولا للغة!

ثالثاً؛ صال لم يفشل مع الفريق كما ذكرتم، ونتئجه حتى الآن ليست سيئة، فمنذ تعيينه على المنتخب الوطني المحلي لعب 5 مباريات فقط ولم يخسر في أي منها (تعادل مع السنغال ومع الرأس الأخضر في أرضيهما، ومع مالي في نواكشوط، وبوركينا فاسو في السنغال، وفاز على الرأس الأخضر في نواكشوط) وهو متأهل الآن للدور الأخير من التصفيات، فعلى أي أساس نحاسب المدرب إلا النتائج، والنتائج حتى الآن جيدة ولا توجد فيها خسارة!؟

رابعاً؛ صحيح أن العنصرية مسألة مقيتة جداً ومرفوضة تماماً، ولكن قبل أن نتهم مدرباً بالعنصرية لماذا لا نحلل اختياراته بشكل فني، وإذا كان هناك لاعبون لم يستدعوا للمنتخب لنقص التجربة، أو لعوامل فنية أخرى، فلماذا لا نفكر أيضاً في أحقية من تمت دعوتهم؛ أليسوا أبناء موريتانيا؟ ألا يحق لهم أيضاً تمثيل منتخبهم؟ لماذا لا نفكر في تضحياتهم هم أيضاً من أجل الوصول للمنتخب الوطني؟ مثل غيرهم ممن وصلوا قبلهم وسيصل كثيرون من غيرهم بعدهم؟!!

ثم إن الحديث الدائم عن العنصرية قد يؤثر على اللاعبين أنفسهم بشكل سلبي، فيجعلهم يفقدون الأمل، وهم شباب يافعون، ليتسرب الشك والإحباط إلى قلوبهم، فيفقدون شغف الاجتهاد ورغبة مواصلة العمل، فلماذا نساهم بهذا الحديث في هدم هذه المواهب دون وجه حق؟!!!

أخيراً؛ عزيزي الأستاذ حبيب؛ كرة القدم لعبة لا تقبل مثل هذه الأمور السيئة، لأنها ستنكشف عند أول اختبار، والمدرب الذي يبحث عن الفوز لينجح ويكسب المال والشهرة، لا يمكن أن بفرط في اختيار لاعب مميز بسبب لونه أو لغته أو عرقه، كما لا يمكن أن يختار آخر سيئاً على هذه المعايير، إذ ما الذي يمنحه لونُ اللاعب؟ وبمَ ستنفعه شريحته حين يخسر؟!!!