صراع الطواحين / محمد افو

ثلاثاء, 2017-03-14 22:04

ملك الانجليز يوقع رسالة لخليفة مسلم ب " خادمكم المطيع " . لا يهم إن كانت تلك العبارة ليست من قواميس الملوك ، احرى الإنجليز . ولايهم أيضا إن كان بين عهدي الملك والخليفة ثلاثة قرون . المهم أن يحس المسلم ببعض الزهو وهو في قاع تخلفه وخوره ومهانته . يقول الماديون أن العقل يعمل وفق نظام ميكانيكي ، وهم بذلك يقتبسون من الحقيقة طرفا منها ، حين نزاوج بين التربية والتكوين كنظام مدخلات وبين تشابه المنتج الفكري لدى المنمطين تربويا بمدخلات متشابهة . اخترع العقل العربي وهما كوهم الفارس الهزيل " دون كيشوت " الذي قرر أن يكون فارسا لكنه لم يجد معركة ولا أعداء ، فقرر محاربة الطواحين . وتمخض هذا الوهم عن تقمص دور الأمة الإمبراطوري ، الذي جادت به دورة الحضارة ( كما يتوهم مالك ابن نبي ). وهذا الدور بدورة جعل التاريخ يتوقف عند سقوط "أخت الاندلس " . ولازال العرب يعدون لاسترجاع " أدرنة " بلا جيش ولا خلافة ولا سلاح . ليس ذلك موضوعنا فنحن هنا في موريتانيا لكننا نعمل وفق قانون العدو الملهم وتحت قاعدة " بضدها تتميز الأشياء " لا أحد يستطيع أن تقوم له قائمة دون أن يعرف نفسه بخصمه . جميعنا قررنا أن نكون فرسانا ، وبما أننا هزيلون مثل الفارس الأسباني ولا أعداء لنا ، وبما أنه لا فارس من غير معركة وعدو فقد فصلنا أعداءنا من قميص الوطن الواحد وأبناء الشعب الواحد ، ولكل منا "سانشو بانزا" يجيبه ويصدقه . عندما بدأنا طرح المشروع الوطني ، كنا نستحضر أن تعريف الفروسية تعريف أخلاقي ذاتي . فقبل أن يلبس خالد بن الوليد درعه ويحمل سيفه ويركب حصانه " الغيار " ، كان قبل ذلك فارسا . وللفارس في الحرب مهارات قتالية وفي السلم عقل راجح . كنا ندرك أن تعريفنا ينبغي أن يكون ذاتيا ولايستند لرهان مناصاة ولا معاداة . فالوطن ورشة عمل وليس ساحة معركة . يلزمنا أن نتخلص من مفهوم النصال والمناضلين " الدون كيشوتي " لأننا لن نحظى بأكثر مما حظي به . لم تتوقف الطواحين ولم ينتصر ، ولم يتزوج ، وبقي مفخرة للأدب والجنون ، وليس للتاريخ . لا يلزمك أعداء لكي تخوض غمار التنمية والإصلاح . لا يلزمك أن تكون مناضلا ملهما لكي تزرع في جبين الأرض سنبلة ، أو تنقذ تخطف حزنا من مقلة فقير . حين نتحدث عن مشروع وطني فإننا نتحدث عن رؤية وطنية تنتخي ضمير الوطن وروح البناء في قلوب وعقول وسواعد كل الموريتانيين . صراعنا مع بعضنا يحول الوطن إلى ساحة لحرب استنزاف ذاتية للطاقة الوطنية . أهل الشرق أهل الگبلة أهل الساحل لحراطين البيظان لمعلمين لكور لعرب الزوايا القبائل لفرانكفونيين العروبيين اليسار الاسلاميون الحبل على الجرار ، والفوضى الفوضى لكل طاحونة عدو ولكل عدو طاحونة والكل يقد من قميص الوطن ولا يراوده عن نفسه. والكل أمام مرآته " خنوف " ويجري في مضمار وحده ( وكل مجر بالخلاء يسر ) . ولا يموت مناضل إلا وقد أوصى وصية الحطيئة " لا أحد ألأم من الحطيئة ، هجا البنين وهجا المريئة " ( لم يترك أحدا إلا وهجاه ، حتى أباه وأمه ). ماننطلق إليه هو أن نوجد ونحدد فضاء وطنيا يتبارى فيه قادة الرأي بعبقريتهم وبرامجهم وعلو هاماتهم وهممهم. لا بتجييشنا وحشدنا ليوم انتصار موعود لفئة أو قبيلة أو جهة . نريد وطنا للمهرة والعباقرة وليس للمناضلين والأبطال . وستثكل كل ظالم أمه إتبعنا إلى بطن الوادي والحق أحق أن يتبع و #المشروع_الوطني_املنا