شاهد الرشيد أبا نواس , وفي يده زجاجة من الخمر , فسأله : ماذا في يدك يا أبا نواس
فأجاب : زجاجة لبن يأمير المؤمنين .
فقال الخليفة: هل اللبن أحمر اللون
فقال : أحمرت خجلا منك يا أمير المؤمنين .
فأعجب الخليفة من بداهته , وعفا عنه .
***
هذا عن امير المؤمنين النافذ والذائع الصيت وهو يرى منكرا بعينيه ، ويتجاوز صريح النص في العقوبة ، لقاء إعجاب ببديهة السكير الذي ملأ الكون سحرا وعهرا وسكرا .
***
لسيادة العرف طبائع وأنماط ، تتجبر بها على الوعي والبداهة والإرادة وحتى على القدرة والإستطاعة .
حتى تحيل المحرم المنكر ، إلى مستساغ متجاوز .
ولهذه الأعراف قوة أسطورية ، تتجاوز وعي القانون والدين ، لأنها تتحصن بالثقافة والقيم السائدة .
لدرجة أنها تحتل جسد الإيمان بالنقيض ، وتسقمه وتستكين بذاتها في ماهية ذاته .
فيستحيل العرف قانونا تنتكس أمامه جبروت الحق ، ويمرغ الذائقة الإنسانية الفطرية في حمأة الواقع المزري .
أعرافنا هي أفيون الوعي
وهي مقصلة الإرادة والجسارة والمبدئية .
ولمجتمعنا ( الموريتاني ) منها ما يفوق خيال الناظم الأخلاقي والعقلي .
ويتجاوز خيال الحلم ، إلى واقع الأزمة ، منتجا لها وحاميا وحاضنا .
هنا ، حيث يتباهى شيخ القبيلة باحتضان الباطل ، والمثقف بتحين الرشوة ، والسياسي بكنز الأقوات والأتاوات .
المرأة باحتقار الزوج والأسرة ، والرجل بعبادة الشهوة ، والنجعة الجنسية .
تلك تفتح بابها لغريب عرفته توا ليسدي لها بعولة ناقصة القوام والقيام .
وذاك يدنو من عقيرة التزاوج بثمن بخل به على عياله .
شاب يستقطب جاهزيته للقفز على وظيفة أو مال لم يكن ببالغه حلالا إلا بشق نفس لا يمتلك أبهة إرادتها ولا فخر منالها .
ويحتفل مخاور الشهوة والمال كما يحتفل دبور النحل برشق ملكة لا قوام له ولاقوة للرجوع منها للارض سالما .
هل استسغنا إحالة الوطن إلى ماخور للشهوات ؟
ماذا حل بنا ، حتى وضعنا النصوص حيث لاتطالها الأبوال تقديسا لها ، بينما ضاجعنا الفجيعة على قول لم يقل به نبي ولا فقيه ؟
كيف لأمة أن تطاول إنسانيتها وكرامتها وهي ترزح تحت وطأة الشهوة
المال ، المال
الجنس ، الجنس
وتصرع الأخلاق على مشارف الحروف والكلمات ، وتتمتمة بالقرآن دون خجل من قائله .
باءت بنا أنفسنا
وبؤنا بها رهقا
الأخلاق قبل الصداق
ومشنقة الأمم النفاق
والله خير حفظا