الوضع شبه المنحرف / محمد افو

أحد, 2017-04-09 18:37

 شاهد الرشيد أبا نواس , وفي يده زجاجة من الخمر , فسأله : ماذا في يدك يا أبا نواس

فأجاب : زجاجة لبن يأمير المؤمنين .
فقال الخليفة: هل اللبن أحمر اللون
فقال : أحمرت خجلا منك يا أمير المؤمنين .
فأعجب الخليفة من بداهته , وعفا عنه .

***
هذا عن امير المؤمنين النافذ والذائع الصيت وهو يرى منكرا بعينيه ، ويتجاوز صريح النص في العقوبة ، لقاء إعجاب ببديهة السكير الذي ملأ الكون سحرا وعهرا وسكرا .

***
لسيادة العرف طبائع وأنماط ، تتجبر بها على الوعي والبداهة والإرادة وحتى على القدرة والإستطاعة .

حتى تحيل المحرم المنكر ، إلى مستساغ متجاوز .

ولهذه الأعراف قوة أسطورية ، تتجاوز وعي القانون والدين ، لأنها تتحصن بالثقافة والقيم السائدة .

لدرجة أنها تحتل جسد الإيمان بالنقيض ، وتسقمه وتستكين بذاتها في ماهية ذاته .
فيستحيل العرف قانونا تنتكس أمامه جبروت الحق ، ويمرغ الذائقة الإنسانية الفطرية في حمأة الواقع المزري .

أعرافنا هي أفيون الوعي
وهي مقصلة الإرادة والجسارة والمبدئية .

ولمجتمعنا ( الموريتاني ) منها ما يفوق خيال الناظم الأخلاقي والعقلي .
ويتجاوز خيال الحلم ، إلى واقع الأزمة ، منتجا لها وحاميا وحاضنا .

هنا ، حيث يتباهى شيخ القبيلة باحتضان الباطل ، والمثقف بتحين الرشوة ، والسياسي بكنز الأقوات والأتاوات .

المرأة باحتقار الزوج والأسرة ، والرجل بعبادة الشهوة ، والنجعة الجنسية .

تلك تفتح بابها لغريب عرفته توا ليسدي لها بعولة ناقصة القوام والقيام .

وذاك يدنو من عقيرة التزاوج بثمن بخل به على عياله .

شاب يستقطب جاهزيته للقفز على وظيفة أو مال لم يكن ببالغه حلالا إلا بشق نفس لا يمتلك أبهة إرادتها ولا فخر منالها .

ويحتفل مخاور الشهوة والمال كما يحتفل دبور النحل برشق ملكة لا قوام له ولاقوة للرجوع منها للارض سالما .

هل استسغنا إحالة الوطن إلى ماخور للشهوات ؟

ماذا حل بنا ، حتى وضعنا النصوص حيث لاتطالها الأبوال تقديسا لها ، بينما ضاجعنا الفجيعة على قول لم يقل به نبي ولا فقيه ؟

كيف لأمة أن تطاول إنسانيتها وكرامتها وهي ترزح تحت وطأة الشهوة

المال ، المال
الجنس ، الجنس

وتصرع الأخلاق على مشارف الحروف والكلمات ، وتتمتمة بالقرآن دون خجل من قائله .

باءت بنا أنفسنا
وبؤنا بها رهقا

الأخلاق قبل الصداق
ومشنقة الأمم النفاق

والله خير حفظا