تشكل السياسات البيئية الهادفة إلى مواجهة المخاطر المرتبطة بالتغيرات المناخية محور اهتمام وتعاون دولي نظرا لشمولية هذه المخاطر وتجاوزها للحدود البينية لتمس تأثيراتها السلبية مختلف شعوب ومجتمعات العالم..
ويعكس موضوع التوعية والتثقيف بشأن هذه المخاطر؛ خصوصا في الأوساط الشبابية؛ أهمية بالغة لما له من دور إيجابي مباشر نحو تعاطي المجتمع مع السلوكيات المؤثرة على البيئة، من جهة وأهمية دور الشباب بوصفة مركز القوة الحية في البلد من جهة أخرى.
وضمن هذه الرؤية التأمت أعمال المنتدى العالمي الأول للأمم المتحدة للتمكين المناخي مؤخرا كمنتدى يعتبر الأول من نوعه، والذي يهدف إلى نشر الوعي الشبابي بوسائل وآليات التصدي للتغييرات المناخية.
كما يأتي المنتدى والذي يعرف ب Action pour l'autonomisation climatique أو ACE Youth Forum كتطبيق للمادة السادسة من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
الأستاذة الديينة خديجة بنت الشيكر؛ وهي خبيرة موريتانية في مجال السياسات البيئة؛ حظيت بالاختيار كممثل، وذلك من خلال بحث حول فعالية التمويل المناخي للتصدي للتغير المناخي ومجال السياسة البيئية، والذي يسبب التصحر والارتفاع غير الطبيعي للحرارة الأرضية، وجاءت مشاركتها بحماس ونجاح في هذا المؤتمر كحرص منها على رفع اسم البلد في المحافل الدولية.
الديينة خديجة بنت الشيكر، التي تم اختيارها من بين آلاف المترشحين كممثل لموريتانيا في منتدى الأمم المتحدة العالمي للتمكين المناخي؛ الذي يسعى إلى نشر الوعي الشباب بأهمية التصدي للتغيرات المناخية؛ أوضحت في لقاء مع يومية "الشعب" أن اختيارها يأتي تتويجا وثمرة للجهود التي تقوم بها في إطار نشاط منظمتها المهتمة بالحفاظ على البيئة، مضيفة أنه كان لها شرف المشاركة ضمن وفود المنظمات غير الحكومية الموريتانية المهتمة بالبيئة في مؤتمر التغير المناخي "كوب بون 23"، وقبل ذلك "كوب مراكش 22".
وأشارت إلى نشاطها لصالح البيئة والتصدي للتغيرات المناخية يتركز أساسا على نشاط التوعية والتدريس وتثقيف الشباب الجامعي وغيره على المخاطر المناخية ضد البيئة الموريتانية، وتحديدا فيما يتعلق بتلك التغييرات المتمثلة في خطر فيضانات المحيط ثم المتعلقة بارتفاع درجات الحرارة والتلوث وغيرها من التحديات المناخية التي تمس بشكل مباشر البيئة الموريتانية.
وركزت الناشطة الموريتانية في مجال البيئة وممثلة البلد في منتدى التمكين للتصدي للتغيرات المناخية على أهمية المؤتمرات المناخية العالمية كالتي جرت في مراكش وبون، أو التي نظمت في باريس، وهي مؤتمرات؛ تضيف بنت الشيكر؛ تجمع جميع بلدان العالم من أجل التوافق على وسائل إنقاذ البيئة العالمية من أكبر تهديد تواجهه هو مخاطر التغير المناخي، وبغية الخروج باتفاقيات تفرض على البلدان الالتزام بما يمكن أن يقلل المخاطر من هذه التغيرات، مثل الاتفاق على خفض نسب انبعاث الغازات بما لا يتجاوز مثلا نسبة 1.5 بالمائة نحو طبقة الأوزون والتي تسبب الاحتباس الحراري العامل الأساسي في وقوع التغييرات المناخية.
واعتبرت بنت الشيكر؛ وهي خريجة جامعة "جورج ميشن" الأمريكية، ومتخصصة في السياسات البيئية وتحديدا في إطار أنشطة مكافحة التغير المناخي؛ أن الالتزام بهذه التصدي للانبعاث الغازي يفرض على الدول اقتناء الوسائل والتجهيزات المختلفة والمعدات على أرض الواقع التي تساعدها على خفض هذه الانبعاث، وكذلك اللجوء إلى وسائل طاقوية بديلة لتلك المسئولة عن رفع معدل انبعاث الغازات، والاهتمام بالزراعة وغيرها من الأنشطة التي تخفض الاعتماد على الوسائل المسؤولة عن تلوث المناخ، بالإضافة إلى إعادة استعمال وتصنيع بعض أصناف النفايات الصلبة من أجل الاستفادة منها وتقليل مخاطرها انتشارها في البيئة، وهي كلها وسائل تفرض تعاونا دوليا واهتماما بنشر الوعي بالمخاطر خصوصا في أوساط الشباب والنخب المثقفة، تضيف بنت الشيكر، وهو ما يعكس أهمية تمثيل موريتانيا في منتدى بهذا الحجم والاهتمام الدولي.
وأشارت بنت الشيكر إلى أن أهم توصيات هذه المؤتمرات تنص على أن كل بلد عليه أن يقدم برنامجا واضحا ومحدد المعالم وخطة عملية تمكنها من التصدي الفعال لهذه الانعكاسات، من أجل تتشارك هذه الخطة مع بقية المشاركين في المؤتمرات وتقدمها للنقاش والبحث مع مختلف المشاركين والمهتمين بالمجال.
وأضافت الديينة بنت الشيكر أن مشاركتها في المؤتمر المناخي بمراكش كانت مناسبة لحضور العديد من الورشات العملية التي تتناول انعكاس ارتفاع درجات الحرارة على البيئة البحرية والإنسان، وركزت المشاركة خصوصا على واقع موريتانيا كبلد يعتمد بشكل كبير اقتصاديا على تصدير السمك، وهذا يعني الانعكاس السلبي المباشر لهذه المخاطر المرتبطة بالتغير المناخي على التنمية والحياة البشرية بالنسبة لبلد كموريتانيا جراء هذه المخاطر، مضيفة أن هذا التحدي هو ما يجسد هذه الأهمية البالغة بالاهتمام والتوعية نحو إيجابيات السلوك والتصرف الذي يعمل على صيانة البيئة من زاوية معالجة مخاطر التغيرات المناخية، والحيلولة دون القيام بالتصرفات التي تؤدي إلى حدوث هذه المخاطر، وهي توعية تثبت فعاليتها وجدوائيتها بشكل خاص لدى الشباب الذي يمثل عماد المجتمع ومركز القوى الحية في البلد.
وأوضحت بنت الشيكر أن انطلاق نشاطها في مجال التوعية بالمخاطر المرتبطة بالتغيرات المناخية استهدفت كخطوة أولى الاتصال بالطلاب الجامعيين ونشر الأفكار التي تدعم صيانة البيئة والتصدي للتغيرات المناخية في الأوساط الطلابية الجامعية والأوساط الشبابية عموما، من خلال تحسيسهم بهذا التغير المناخي وأثره على البيئة البحرية مثلا.
كما يستهدف التحرك في هذا المجال أيضا؛ تضيف بنت الشيكر؛ حث النخبة العلمية من أساتذة جامعات وباحثين نحو إعداد البحوث والدراسات وإصدار الوثائق التي تركز على مجال المحافظة على البيئة ودرء المخاطر المتعلقة بالتغيرات المناخية، بالإضافة إلى إبراز المشاكل والتحديات، خصوصا فيما هو مرتبط بمجال البحر والثروة السمكية الموريتانية، من أجل تمكين القائمين في المجال من عرض رؤيتهم وخططهم البيئية بشكل أوضح وأدق للشركاء الدوليين في المجال، وبالتالي الحصول على دعم دولي يمكن من الاعتناء بالبيئة ويقود إلى التصدي بشكل أكثر فعالية للتغيرات المناخية.
وعن المخاطر البيئية الأخرى المتعلقة بتأثير الاحتباس الحراري على منسوب مياه المحيط الأطلسي بالنسبة لموريتانيا اعتبرت الخبيرة في السياسات البيئية وممثلة موريتانيا في منتدى التمكين للتصدي للتغيرات المناخية أن الموضوع يمس أيضا العديد من البلدان، ومخاطره تهدد بلدانا أخرى، لكن لا يزال هناك متسع من الوقت لبحث مختلف السبل ورسم الخطط لمواجهته خصوصا من خلال ما تلعبه هذه المؤتمرات والمنتديات الدولية في هذا المجال.
تقرير: الطالب ولد إبراهيم