فعاليات الاحتفال بعيد الاستقلال الوطني

سبت, 2019-11-30 11:44

احتفلت موريتانيا، الخميس، بالذكرى التاسعة والخمسين لعيد استقلالها الوطني، بتنظيم فعاليات أبرزها عرض عسكري احتضنته مدينة "أكجوجت" شمالي البلاد، بحضور الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.

موريتانيا تحتفل الخميس بالذكرى الـ59 لاستقلالها
الحزب الحاكم بموريتانيا يحسم مرجعيته بدعم الغزواني
الاحتفالات بذكرى الاستقلال، ميّزها هذا العام منح الرئيس الموريتاني عددا من الشخصيات أوسمة وطنية نظير عطائهم خلال مسيرتهم المهنية، بجانب مشاركة رؤساء الأحزاب الموالية والمعارضة ومختلف أطياف المشهد السياسي الموريتاني، في مناسبة عززت الوحدة الوطنية، والإجماع الوطني.

الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني اعتبر عيد الاستقلال "مناسبة مشبعة بمعاني العزة والشموخ يخلدها البلد في لحظة تحول حاسم في المسار التاريخي".

وأشار إلى أن ذكرى الاستقلال تمثل بجانب كونها تخليدا للحظة جلاء المستعمر، إعلان قيام الجمهورية الموريتانية، كدولة بالمفهوم الحديث، وتتطلب من الموريتانيين ما وصفه بـ"التمجيد والعرفان بالجميل لأبطال المقاومة الموريتانية بشقيها العسكري والثقافي".

وبيّن الغزواني في خطابه أن للاستقلال معاني كثيرة، منها ما هو سياسي، وثقافي، واقتصادي، مشيرا إلى أن الشرط المبدئي لإمكان تحقيق هذه المعاني، هو توطيد الوحدة الوطنية.

واستعرض الجهود التي بدأها منذ توليه السلطة في البلاد مركزا على تدعيم الوحدة الوطنية وتهدئة المناخ السياسي العام، وخلق جو من الثقة بالانفتاح على الجميع والتشاور مع كل الفرقاء السياسيين".

معاني الاحتفال
خصوصية ذكرى استقلال موريتانيا، تتجاوز، بحسب مر اقبين، الأبعاد الاحتفالية إلى التوقف عند دلالاتها الرمزية، كمناسبة لتذكر نضالات رجال البلد الذين كان لهم الدور الأبرز في تحقيق أعظم إنجاز في تاريخ البلاد، وهو نيل حريتها واستقلالية قرارها وجلاء المحتل.

تضحيات رجال المقاومة الموريتانية ضد المستعمر الفرنسي، ظلت محفورة في ذاكرة الأجيال، ويجسدها كل عام الفعاليات والندوات، التي تقام وتشيد بمناقب هؤلاء وتسترجع بالتفاصيل أحداث المعارك التي خاضوها ليكون ذلك ملهما للأجيال، ونبراسا ينير دروب التضحية والبذل في سبيل الوطن والمواطن.

ذكرى الاستقلال هذا العام كانت أيضا لاستحضار الأدوار والمسؤوليات التي قام بها رجال البلد الذين وقعت على عاتقهم مسؤولية بناء الدولة، التي ترافق وجود كيانها مع جلاء المستعمر، دون أن تكون لها قبل ذلك المقومات، والبنى التحتية التي تتأسس عليها الدول.

وحتى بناء العاصمة نواكشوط تزامن مع نيل البلاد استقلالها عام 1960، ويذكر الموريتانيون أن أول مجلس وزراء في تاريخ البلد عقد تحت "خيمة وبر" برئاسة مؤسس البلاد أول رئيس للجمهورية الوليدة الراحل المختار ولد داداه.

جهود رواد التأسيس

الكاتب والمؤرخ الموريتاني أسلم ولد سيدي محمود اعتبر أن الموريتانيين يذكرون بقدر كبير من الإنصاف تلك الجهود المحمودة التي بذلها الروادُ المؤسِّسون، والدور الكبير الذي قام به الرئيس الأسبق المختار ولد داداه، رحمه الله، الذي رعى غرس نواة الدولة الموريتانية الحديثة، غداة الاستقلال عام 1960 بما تتطلبه المهمة وحكمة وصبر على حد وصفه.

وأشار سيدي محمود إلى أن جهود الأب المؤسس للبلاد تعززت أيضا بما قام به كذلك مَن تولوْا مقاليدَ الحكم طَوالَ هذه العقود الستة، من الذين وضعوا لبناتٍ مهمةً في بناء صَرْح الدولة الحديثة، سواء منهم مَن حالفه الحظ وكُللت جهوده بالنجاح، ومنهم من لم يوفَّق في كل ذلك" على حد تعبيره.

وخلص سيدي محمود في حديثه عن الموضوع بالدعوة إلى ما وصفه بالتفاف الموريتانيين حول الغزواني، "من أجل تنفيذ المشروع المجتمعيّ الوطنيّ الذي تعهد به للشعب الموريتانيّ"، وفي مقدمته حسب تعبيره، " المحافظة على المكتسبات والبناء على ما هو صالح منها وسدّ الخلل حيثما وُجِد".

خصوصية العيد الـ59
وأما الكاتب والباحث سيدي محمد ولد حبيب فاعتبر أن تقييم مكتسبات موريتانيا منذ استقلالها عام 1960 حتى الآن يثبت أن هناك الكثير مما تحقق فعلا على أرض الواقع بما تجسده موريتانيا اليوم كدولة ذات نظام مركزي، مبينا أن ذلك يعود "بفضل أبناء بررة أسسوا لهذا البلد، وتعاقبوا على الأخذ بزمام أموره لتتوالى المنجزات العملاقة" على حد تعبيره.

واعتبر ولد حبيب أن أهم ما ميز ذكرى الاستقلال هذه العام هو "الإجماع الوطني" بحضور كل الأطياف السياسية وتلبيتهم دعوة رئيس الجمهورية لتتذوق طعم السكينة والثقة المتبادلة".

ويشير الكاتب والمحلل السياسي إسماعيل يعقوب الشيخ سيديا أن أهم ما حققته موريتانيا وهي تعيش أفراح عيدها الـ59 هو ميلاد "موريتانيا المتآخية المتصالحة مع ذاتها، وموريتانيا العقل والتبصر هي التي استقلت اليوم للمرة التاسعة والخمسين".

لا مركزية الاحتفالات

ودأبت موريتانيا منذ 2015 على تنظيم الفعاليات المخلدة لذكرى الاستقلال في إحدى عواصم الولايات الداخلية، وكان آخر المدن التي شهدت الحدث حتى الآن مدينة "النعمة" الواقعة 1200 كلم شرق البلاد.

وتخلد موريتانيا ذكرى الاستقلال التي تصادف 28 نوفمبر/تشرين الثاني، بتنظيم حفل لرفع العلم، وعرض عسكري بمشاركة واسعة لمختلف الوحدات ونماذج لمختلف الأسلحة والمعدات، بالإضافة إلى عدد من الفعاليات تحتضنها بقية ولايات البلاد.

ويشمل برنامج الاحتفالات لهذا العام كذلك تكريم عدد من الشخصيات الوطنية تثمينا لجهودها وأدوارها السياسية والاجتماعية والتنموية.

ودعي للمشاركة مختلف رموز الدولة ورؤساء البلاد السابقين وقادة الأحزاب والتشكيلات السياسية، والشخصيات المرجعية في البلاد.

وشهد العرض أسلحة ومعدات عسكرية متطورة بينها طائرات حربية وآليات تستخدم لمواجهة عصابات الجريمة المنظمة والإرهاب، ليختتم بعمليات إنزال ناجحة لفرق من سلاح المظلات.

واستقلت موريتانيا عن الاحتلال الفرنسي في 28 من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1960، وعليه أصبح المختار ولد داداه أول رئيس للبلاد، ويعدّ هذا اليوم من كل عام عطلة رسمية.